ومن مخاطر الأزمان المتأخرة اضطراب الموازين، وفساد القيم، إلى الدرجة التي وصفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «سيأتي على الناس سنوات خدَّاعات؛ يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتَمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضة في أمر العامة، قيل وما الرُّوَيْبضة؟ قال: الرجل التافِهُ» (¬2).
ومن خشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من انتشار الخيانة بعد قرون الخير فقال: «إن بعدكم قومًا يخونون ولا يُؤتَمَنون» (¬3).
ومن ذلك الحين استمرَّ مسلسل السقوط، إلى أن أصبحنا نرى الأمر يوسَّد إلى غير أهله، ويُؤتَمن الخائن، ويُخوَّن الأمين، ويغدو الأمناء - حقًّا - ندرةً يُشار إليهم كما جاء في الحديث: ... «... فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يُؤدِّي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلًا أمينًا» (¬4)، ومع نُدْرة هؤلاء الأمناء يُستَبعدن ويُولَّى غيرهم، ويكون ذلك سببًا في تضييع الأمانات - وهو من علامات الساعة - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة»، «قال أبو هريرة: كيف إضاعتها يا رسول الله؟» «قال: إذا أُسنِد الأمر إلى غير أهله، فانتظر
¬_________
(¬1) صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب 37 - الحديث 7191.
(¬2) صحيح سنن ابن ماجه - كتاب الفتن - باب 24 - الحديث 3261/ 4036 (صحيح).
(¬3) صحيح البخاري - كتاب الشهادات - بابا 9 - الحديث 2651.
(¬4) صحيح البخاري - كتاب الرقاق - بابا رفع الأمانة - الحديث 6497.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق